كشف أثار «السبع بنات» في عزبة خير الله!!!


 علاء الدين ظاهر
التفريط في صيانة أثر يعني ببساطة اقتطاع جزء من مستقبل مصر وليس فقط من  تاريخها.. فالآثار ليست مجرد ذكريات.. لكنها ثروة عابرة للزمن.

ورغبة من"أهلا وسهلا" في المساهمة في الحفاظ علي الأثار,نرصد بعض الآثار المهملة.. نلقي عليها الضوء.. نزيل من فوقها غبار الإهمال لعل المسئولين يعيدون لهذه المواقع الأثرية بريقها.. وفي عزبة خير الله..حيث العشوائية تبتلع كل الأشياء.. رصدنا قباب السبع بنات الأثرية.. في حالة يرثي لها.. إلي تفاصيلها.


التاريخ يتكلم
ترجع قباب السبع بنات إلي العصر الفاطمي فقد أنشأها الحاكم بأمر الله العبيدي عام 400 هجرية، الذي قتل أحد وزرائه يدعي «أبي سعيد الحسين بن علي المغربي» ، كما قتل أفراد عائلته لأنهم خرجوا عن المذهب الشيعي -حسب «ممدوح محمد السيد» الباحث الأثري ومفتش بمنطقة آثار مصر القديمة.

ويكمل: عندما شعر الحاكم بأمر الله بالذنب جراء ما فعله، قرر إقامة هذه القباب تكريما للقتلي وتخليدًا لذكراهم واختلف المؤرخون حول ماهيتهم، هل كانوا بنات الوزير السبع أم سبعة من عائلته، بمن فيهم بناته، وهناك رواية أخري يتناقلها البعض مفادها أن الناس في ذلك الوقت شعروا بالحزن والأسي علي من قتلوا وأقاموا لهم هذه القباب.

وحول الوضع الأثري يقول عن القباب الأربع الباقية بواسطة الحفائر الأثرية عن أسس جدران قبتين أخريين ليتضح أنها جميعا متجاورة في صف واحد غير مستقيم، ولم يعثر علي القبة السابعة التي من المحتمل أن يكون تم بناؤها في وقت لاحق واندثرت مع الوقت ولم يعثر لها علي أثر. الطراز المعماري الذي بنيت عليه القباب متشابه إلي حد كبير، وقد تهدمت القباب العلوية وبقيت الجدران، تتكون كل قبة من ثلاثة أدوار مختلفة الارتفاع، في منتصف كل جدار من جدرانها الأربعة باب معقود علي جانبيه صنية محراب.

الوضع الحالي

أول القصيدة كفر.. هكذا يقول المثل الذي ينطبق بالفعل علي المدخل المؤدي إلي القباب، حيث يمتلئ بمخلفات البناء والقمامة وتصرف فيه المياه الناتجة عن الاستخدام العشوائي للسكان المجاورين، القباب من النماذج القليلة الباقية علي الطراز المعماري المستخدم في بناء القباب أثناء العصر الفاطمي، فماذا حل بها الآن؟

الشروخ أصابت جدرانها وتهدم الكثيرمن أجزائها، وباتت مرتعا للعبث والتشويه،ناهيك عن القمامة التي تنتشر بداخلها وحولها ولا يحلو للبعض إلا أن يشعل فيها النار حتي اسودت واجهاتها وصارت مسخا مشوها.

وتنتشر ورش الأخشاب بالمنطقة وتلقي بمخلفاتها حول القباب بسبب عدم وجود حراسة عليها اتخذها البعض مكانا لقضاء حاجته، كذلك الأعمال المخلة والمخالفة التي يقوم بها الخارجون عن القانون.

حنة.. وشموع

المخاطر التي تهدد القباب ليست الزبالة والحرائق، فهناك ما قد يكون أخطر، مجموعة من المعتقدات ولنقل خرافات تسيطر علي أذهان السيدات والفتيات هناك توارثوها عبر سنوات طويلة ومن الصعب اقناعهم بالتخلي عنها.

السيدات هناك يعتقدن أن القباب والحكايات المتوارثة عنها لها تأثير قوي وفعال علي تحقيق الأمنيات والرغبات خاصة الفتاة التي لم تتزوج بعد أو الزوجة التي تشتاق للإنجاب والأغرب من ذلك الطقوس التي يقومون بها في سبيل تحقيق ذلك.

الحنة والشموع هي كلمة السر في ذلك من لديها أمل ترغب في تحقيقه تعجن الحنة وتلطخ بها يديها وتمسحها علي جدران القبة من الداخل والخارج وتوقد الشموع وتردد الأدعية حتي تجف الحنة وتنطفئ الشموع، بعدها ستتحقق الأمنية، وساهم ذلك في المزيد من التشويه للقباب.

استمرارا لمسلسل الأوهام يعتقد النساء أن الأعمال السحرية ستكون أقوي مفعولا ببركة السبع بنات، وهو ما يفسر تلك الخيوط المربوطة بالقباب التي قال عنها أثري بالمنطقة رفض ذكر اسمه انها أعمال سحرية صنعتها النساء.

سبع بنات

هذه القباب ليست وحدها التي تحمل اسم «السبع بنات» فهناك قبة السبع بنات الواقعة بالقرب من خانقاه «الناصر فرج بن برقوم» شرق القاهرة ومسجد السبع بنات ويوجد في شارع بورسعيد بالعتبة، وكنيسة السبع بنات في حي ثاني المحلة الكبري وضريح السبع بنات في البهنسا بالمنيا وجميعها يتخذها الناس خاصة النساء والفتيات مصدرا للتبرك وفك النحس، فما السر في رقم 7 تحديدا وهل له مدلول ما؟

«د. مختار الكسباني» أستاذ الآثار الإسلامية ومستشار المجلس الأعلي للآثار أكد علي وجود عدة أماكن تحمل هذا الاسم والسر في رقم 7 أنه نوع من التبرك رغم أن المدفونين فيه ربما لا يكونون سبعا، من منطلق أن السماوات سبع والأراضي سبع وهو ما ذكر في القرآن.

وفيما يتعلق بقباب «السبع بنات» قال إنها ترجع للعصر الفاطمي ورويت حولها الحكايات الشعبية إحداها أن مسجد الجيوش الذي يقع فوق المقطم وبه قبة الأمين «بدر الجمالي» يطل علي القباب ويمكن للواقف فيه رؤيتها بسهولة وتردد أن الأمير فعل ذلك كنوع من الاحترام والتبرك بالقباب.

وأضاف: القباب يجب أن تحظي برعاية واهتمام وترميمها لإعادتها إلي سابق عهدها من الروعة والجمال الأثري والتاريخي، خاصة أنها ذات طراز معماري متميز للعصر الفاطمي لافتا إلي أن التبرك بها واعتقاد الناس في كراماتها سمة مميزة للعديد من الأماكن والأبنية الأثرية الموجودة في منطقة مصر القديمة وما حولها.

د.محجوب

كنا نتوقع رداً متحفظاً من «محمد محجوب» مدير عام آثار مصر القديمة والفسطاط، إلا أنه فاجأنا بقوله: بالفعل القباب في حاجة إلي الترميم والتطوير من حيث إقامة سور حولها يحميها من تعديات الأهالي عليها، وإضاءتها بشكل يتناسب مع قيمتها الأثرية وتنظيفها من المخلفات.

وأضاف: من الناحية الإنشائية والمعمارية القباب لا خوف عليها من أن تنهار، فهي سليمة وبنيتها قوية، إلا أن العشوائية التي يغرق فيها السكان المحيطون بها ساهمت في تشويهها ناهيك عن إلقائهم القمامة والمخلفات حولها دون وعي بقيمتها، ولابد أن يكون للحي والمحليات دور في هذا من خلال تحمل مسئولية إزالة القمامة والزبالة، كما أن سكان عزبة «خيرالله» مصدر مخاطر وتعديات كثيرة تتعرض لها القباب.

وأشار إلي أن التطوير مدرج بالفعل في خطة المجلس الأعلي للآثار للترميم والتطوير وهناك مشروع معد لذلك، لافتا أن السكان المحيطين يتسمون بالعنف والسلوك العدواني ووارد أن يتعرضوا لمن يمنعهم من التعدي علي القباب أو إلقاء القمامة فيها ولذلك لدينا نية في الاستعانة بالجمعيات الأهلية التي تقدم لهم الخدمات والمساعدات لتوعيتهم بقيمة المكان، وأهميته كأثر وأن ما يفعلونه بحقه جريمة بالفعل وأناشد المحليات والمجتمع المدني بالحفاظ علي الآثار، وهي ليست مسئولية المجلس الأعلي للآثار وحده.

كما ناشد محجوب المجلس بسرعة إقامة سور حول القباب لحمايتها.


تعليقات