غرائب وعجائب..في مقابر الفنانين بالبساتين

زارها وصورها / علاء الدين ظاهر:

*وسط مئات المقابر التي تكتظ بها جبانة البساتين جنوب شرق القاهرة ما بين بسطاء عاديين وأثرياء من عصور ماضية,تقع مقابر بعض الفنانين والمشاهير ,ومثل ما كان الحال في الدنيا بهؤلاء الفنانين من حياة حافلة بالأضواء والشهرة والنجومية تأتي مقابرهم كذلك إذ تحظي بالنجومية من حيث الإعتناء بها والقاء الضوء الإعلامي عليها,في حين توجد أخري حالتها يرثي لها وكأن أحدا لا يتذكرها أبدا,ضربها الإهمال وتسبب في ضياع معالمها
*لا أحد ينكر النجومية التي حاذها الفنان الراحل عبد الحليم حافظ في حياته والتي ربما إمتدت الي وفاته حيث تبقي مقبرته شاهدا حيا علي ذلك ,حالتها جيدا تماما ومظاهر الاعتناء واضحة عليها من الخارج حيث النظافة والأشجار المزروعة أمامها ومن الداخل نظيفة تماما ,أما القبر نفسه من الرخام الأبيض الجميل مكتوب عليه"البقاء لله المغفور له الفنان عبد الحليم حافظ" وبجواره قبر شقيقته "علية" التي توفيت عام 2004
*ولأن عشاق العندليب كثيرون ,لم ينقطع حبهم له بعد وفاته ,وحريصون علي زيارة القبر مرات ومرات ,منهم من يكتب تعليقات له علي الجدران وأخرون يبكون بشده أمامه ويقرأون له الفاتحة ,ولكن إذا قادتك قدماك لزيارة المكان لا بد من دفع المعلوم للحارس للدخول حيث يسترزق من ذلك حسب قول حراس أخرون يشعرون ببعض الغيرة نحوه نظرا لأن زوار قبر العندليب كثيرون وما يحصل عليه منهم كثير
حنفي السيد أحد تربية البساتين قال أنه لو كان صاحب المقبرة شخص أخر لضاعت دون أن يكترث لها أحد,مشيرا إلي ما حدث منذ سنوات عندما غمرت المياه المقبرة ولأن صاحبها عبد الحليم حافظ وله أهل وعشاق كثيرون,سارعوا بانقاذها بكل السبل الممكنة ودرء الخطر عنها

*كوكب الشرق لقب لم يطلق من فراغ علي الفنانة الكبيرة الراحلة أم كلثوم لأنها حقا أشعت بصوتها العذب علي الجميع في مصر والوطن العربي,وكما كان هذا الصوت من الفخامة والرقي .كذلك مقبرة صاحبته التي تتميز بالفخامة من حيث البناء والتشييد الأكبر من نوعها ومن الصعب أن تعرف محتوياتها إلا بعد اقناع الحارس بدفع المعلوم له خاصة أنها تظل مغلقة طوال العام ولا تفتح طبقا لتأكيدات الحارس وسكان المقابر المجاورة إلا في ذكري ميلادها في 30 -12 وهوالتاريخ الذي ولدت فيه عام 1898 م , وذكري وفاتها في 3-2-1975,حيث تفتح في التاريخين للزوار والمعجبين ومن بقي من أهلها وأقاربها ودون ذلك تبقي مغلقة وكأنها مهجورة مما كان سببا في انتشار بعض الحكايات ,إن لم تكن خرافية فهي غير معقولة يتناولها الناس هناك
*أحد السكان القاطنين هناك أكد وأقسم أنه ذات ليلة وهوذاهب لصلاة الفجر شاهدها أمام المقبرة وهم بالنداء عليها لتختفي فجأة ,وأخر قال أنهم ضبطوا أحد الأشخاص ذات مرة وهويتسلل إلي المقبرة ليلا وعندما أمسكوا به أخبرهم أنه من عشاقها وقد جاءته في المنام وإشتكت له من عدم الإعتناء بمقبرتها فجاء ليطمئن عليها
طوال 59 عاما ما بين الميلاد والوفاة , عاش الفنان الراحل فريد الأطرش حياة حافلة بالفن والموسيقي والأغاني التي لا تنسي مثل الربيع وفوق غصنك يا ليمونة وزينة وغيرها,وإن كانت مقبرته ليست سيئة إلي حد كبير ,إلا أنها لا تتساوي مع تاريخه الفني خاصة أن تضم أيضا قبر شقيقته أسمهان وعمه الأمير"فؤاد الأطرش"الذي يسبق اسمه كل من فريد وأسمهان
*بوابة المقبرة من الخارج يعلوها الصدأ والسور المحيط بها لم يردع من سولت لهم أنفسهم إلقاء بعض المخلفات داخله ,وأحد عشاقه لم يجد طريقة يعبر عن عشقه له بها إلا أحد جوانب السور حيث كتب عليه "حبيبي فريد في الجنة"دون أن يذكر إسمه أو أية معلومات تشير إليه
*أما مقبرة الفنان حسين رياض التي تبعد قليلا عن مقبرة العندليب الأسمر في نفس الشارع,ليست مخصصة له بمفرده بل أيضا لأفراد عائلته كما تشير اللوحة التي تعلو البوابة الخارجية ولكن أين هؤلاء الأهل والأقارب الذين تركوا المقبرة هكذا دون أن يفكروا في زيارتها أو حتي الإعتناء بها بالقدر الكافي

*قد يكون السابقون أحسن حالا من الفنان أنور وجدي الذي وإن لم يكن في شهرة أم كلثوم أو العتدليب ,إلا كان ذو مكانة فنية لا تتناسب إطلاقا مع الحالة المزرية جدا التي ألت إاليها مقبرته إالي درجة الفزع,حتي أنك إذا مررت بجانبها لن تتخيل علي الاطلاق أنها لفنان مثل أنور وجدي
*البداية مع باب المقبرة الحديدي المتهالك والذي أتي الصدي علي ملامحه حتي محاها ناهيك عن الجدران المحيطة بالباب,تفككت أحجارها وباتت مهددة بالإنهيار في أي وقت,أما الشباك لم يكن أحسن حالامن الباب ,بل ربما يكون أسوأ بكثير ولا يحتاج إلي وصف

*وإذا إنتقلنا إالي حوش المقبرة ,لم يفكر أي أحد في الإعتناء به وتنظيفة من أوراق الشجر والمخلفات التي تجمعت بداخله وكأن قدم لم تطأه منذ سنوات
*العديد من السيئات تعاني منها المقابر في المنطقة وباتت لا تفرق بين فنان ورجل عادي كالمياه الجوفية التي أدت إلي دمار مقابر عديدة منها مقابر الفنان إسماعيل ياسين ووميمي شكيب والشيخ الراحل عبد الباسط عبد الصمد ,ورغم محاولات يقوم بها البعض لإنحسار المياه إلا أنها تعود الظهور مرة أخري,ليس هذا فقط,فالبساتين مشهورة بورش إنتاج الرخام وقد أتي هذا بالسلب علي مقابرها حيث تحولت عدة شوارع بينها إالي مقالب لبقايا ومخلفات الرخام بشكل سيء ,ولأن الناس هناك إحترفت صناعة واجهات المقابر شواهد القبور من الرخام ,إستحل البعض لنفسه أن يحول المقابر الموجودة هناك إلي فتارين عرض لبضاعاتهم دون أدني إحساس بقدسية وحرمة الموتي وهو الأمر الذي يهدد مقابر فنانين مثل فريد الأطرش وحسين رياض ولا عزاء لأنهم موتي أولا وفنانين لهم قيمتهم ثانيا

تعليقات

‏قال abeer
فنان او غيره كلنا الى تراب وسيحاسبنا رب العباد حيث لا فرق بين وزير وغفير. ما هذا المقال الغريب؟ الا يكفى انهم افسدوا الدين على الناس وهم احياء اتريدونهم يفسدوه عليهم وهم بين ايدى الرحمن؟ اتركوهم علنا ننساهم وتخفف عنهم ذنوبهم الى من رحم الله.
أحترم جدا رأيك وأتفق معك في أننا جميعا زائلون وما أردته من الموضوع بيان مدي أن الدميا مهما كنا نمتلك فيها من قصور وأموال فإنها زائلة ومصيرنا إلي قبر من تراب,وتوضيح أن بعض الفنانين كانوا يعيشون حياتهم بالطول والعرض والنجومية لكنها هانت أمام قبر حتي لم يعتن به أحد
سعيد بمشاركنك ونتواصل دائما