
هل جربت زيارة مكان يعود تاريخه إلي 4ألاف عام وسط صحراء تبدو وكأنها خاصمت الحياة لتفاجأ بأنها تحتضن مدينة كانت في وقت ما تضج بالحياة والحركة,هناك وعلي بعد أقل من 100كيلو متر جنوب غرب القاهرة ستجد مبتغاك حيث تحتضن الفيوم واحدا من أجمل وأندر المواقع الأثرية ذات الخصوصية,مدينة "ماضي"
*حفائر*
الزوار سوف يستمتعون بجمال وتفرد المدينة الأثرية المتكاملة التي اكتشفها عالم البرديات الإيطالي"أكيلي فوليانو"ما بين عامي 1935 و1939م و كشف معبد"أمنمحات الثالث"و"أمنمحات الرابع" والمعابد التي ألحقت به في العصر البطلمي والروماني وهو الكشف الذي يعد من أهم اكتشافات القرن العشرين الأثرية
وبعد ذلك بسنوات وما بين عامي 1966و1969قامت جامعة ميلانو بعمل حفائر بالموقع لتتوقف وتقوم بعدها جامعة بيزا في عام 1978 بالحفر والتنقيب لتكشف النقاب عن معبد أنوبيس ومقصورة الإله ايموثيس"إيمحوتب" ومقصورة تحتوي علي رسومات خصصت لعبادة أحد أفراد الأسرة الحاكمة وتميزت بطابع مصري يوناني,وحتي عام 2007 وعلي فترات ومواسم اكتشفت بعثة الجامعة العديد من العناصر المعمارية والأثرية المهمة التي أزالت النقاب عن تاريخ"ماضي"الفيوم العريق,و10 كنائس يرجع تاريخها إلى ما بين القرنين 5-7 م، ذات جانب كبير من الأهمية لفهم التاريخ المعماري لكنائس الفيوم.
*تاريخ*
مدينة ماضى من المواقع الأثرية المهمة فى الفيوم ولها تاريخ طويل ممتد عبر ألاف السنوات منذ حوالي 4000عام حيث بدأ مولدها أثناء الدولة الوسطي عندما أقام"أمنمحات الثالث"بتشييد معبد وأكمله"أمنمحات الرابع"وكان مخصصا لعبادة الكوبرا والتمساح"سوبك"و"حورس"كأحد صور الإله"سوبك"
ومنذ نهاية الدولة الحديثة وطوال 8قرون هجرت المدينة ولحق بها الخراب بعد أن غطتها الرمال لتعود الحياة إليها مرة أخري مع العصر البطلمي حيث تم ترميم معبد أمنمحات الثالث والرابع وإعادة بناء ما تهدم منه وإضافة عناصر أخري إليه,وفي العصر الروماني انتعشت الحياة في المدينة أكثر من ذي قبل خاصة غي المنطقة الجنوبية التي توافد عليها السكان وبنوا منازل جديدة كما قام عدد من الملوك ببناء معسكرات وحصون وأسوار زادت من قدر المدينة وأهميتها التاريخية والحربية
وفي العصر القبطي زاد استقرار السكان في المدينة مما أدي بهم إلي تشييد العديد من الكنائس خلال القرون الخامس والسادس والسابع الميلادي ,واتسمت تلك الكنائس بالتخطيط المتميز والبناء الفريد والرسومات واللوحات الزاهية,أما القرون الثامن والتاسع والعاشر والحادي عشر الميلادي فقد شهدت تواجد العرب في المدينة وإقامتهم في بعض أجزائها إلا أن تلك الإقامة سرعان ما انتهت حيث هجرها السكان العرب مرة أخري لتعرف بعد ذلك باسم"مدينة ماضي"الذي ورد ضمن خرائط وكتب علماء الحملة الفرنسية علي مصر,ومنذ عدة سنوات وبفضل المشروع المصري الإيطالي بدأت مدينة ماضي مرحلة جديدة من تاريخها حيث تحولت إلي أول حديقة أو محمية أثرية طبيعية تتصل بمحمية وادي الريان ووادي الحيتان
*جولة*
إذا كانت مدينة ماضي واحدة من من أغني المواقع الأثرية في الفيوم وأكثرها ثراءا بالآثار والشواهد الأثرية التي لا زالت باقية شاهدة علي تاريخ وعظمة المدينة,فلنبدأ معا جولة داخلها نشتم منها عبق التاريخ والحضارة المصرية القديمة
لن نلتزم في جولتنا بالتخطيط الهندسي والمعماري للمدينة حتي لا تصبح الجولة مملة,لكننا سنقوم بالحديث عن أبرز مكوناتها وشواهدها الأثرية
يلوح لزائر المكان طريق طوله حوالي 2كيلو متر تتابع علي جانبيه الأبنية والتماثيل الأثرية وكان يستخدم في الاحتفالات ومواكب الأعياد وفي بدايته مذبح كبير بني من الحجر الجيري يكسو أحجاره باللون الأحمر ,وعلي جانبي الطريق هناك زوجين من تماثيل ذكور الأسد واللبؤة"زوجته" طول كل منهما 1,80م ورابض علي قاعدة حجرية مدون عليها نص أغلب الظن أنه كان يستخدم لتكريس أحد الملوك
وهناك أيضا بوابة إيزيس الضخمة ذات باب بمصراع واحد وعلي مدخل جانبها الغربي لا زال يوجد نقش غائر في حالة جيدة يمثل الجزء السفلي لإيزيس جالسة علي عرشها وهي ترضع صغيرها"حربوقراط",كذلك بوابة ثانية عليها منظر غير مكتمل لبطليموس الثامن يشير الفراغ الموجود أسفلها إلي مكان رأس"حابي"إله النيل التي انتزعها لصوص في احدي الفترات
وإذا تابع الزائر جولته سيجد ما هو أجمل وأروع,مجموعة من المنازل المهمة والجميلة التي يتميز أخرها بفناء صغير تزين جدرانه بقايا قطع من الملاط عليها رسومات وكتابات يونانية رائعة,ولن تفوته مشاهدة معبد الملك"أمنمحات"الثالث الذي أعاد اابطالمة بناء الجزر الأمامي من فنائه,وعلي جدرانه مناظر للملكين "أمنمحات الثالث"و"الرابع" والعديد من النصوص التي تصف عملة دخول المعبد,وقد عثر بداخله أثناء الحفر والتنقيب علي تمثالين للملك"أمنمحات الثالث"أحدهما يوجد الآن في ميلانو بإيطاليا والأخر وضع في البداية بالمتحف المصري بالقاهرة ثم نقل إلي متحف بني سويف حيث يستقر حاليا
ليس هذا كل شئ,فهناك ناحية الشمال ميدان واسع تعد أعمدته من العناصر المعمارية والأثرية الجميلة والنادرة,ويعود تاريخه إلي العصر الروماني أثناء حكم أسرة"أنطونيوس"في القرن الثاني الميلادي ويحتوي علي 48 عمود تيجانها كلها بنيت علي الطراز الكورنثي
تعليقات